دراسة: أن تكون متحفزاً لايعني أن لاتشعر بالقلق!

يولي الباحثون عناية كبيرة بدراسة العوامل السيكولوجية التي تؤثر على اكتساب اللغة الثانية (اللغة الإنجليزية) كونها مؤثرة على جودة التعلم. وليس من الصواب أن يتجاهل المتعلم العوامل السيكولوجية في رحلة تعلمه للغة. فعلى سبيل المثال أشرنا إلى دور المشاعر و الدافعية نحو التعلم الناجح للغة في هذه المقالة (هنا). ولكن استوقفتني مقولة لأحد طالبات اللغة الإنجليزية جعلتني أفكر فيها ملياً، وحيث لا يمكن للباحث أن يتحصل على الأجوبة من دون استقصاء جعلتني تلك المقولة أخصص بحثاً جديداً. قالت تلك المتعلمة أمرين يبدو منهما التناقض: “دكتور، أنا أمارس اللغة باستمرار لأنني أعلم أهميتها لمستقبلي وقيمتها على نفسي، ولكنني كذلك أشعر بالقلق عندما أمارسها أو عندما أرغب بالمشاركة في قاعة اللغة الإنجليزية.” انتهى التعليق. رغم أن التعليق لم يكن طويلاً لكنه ترك فيني الرغبة في البحث عن جاوبه. كيف يمكن أن تكون متحفز ولكن تشعر بالقلق في ذات الوقت؟ هيا نستكشف ما الذي وجدناه في هذا البحث.

هل فكرت كيف يمكن أن تكون متحفز وقلق في نفس الوقت؟

هل يمكن أن تكون متحفز وتشعر بالقلق أثناء تعلمك للإنجليزية؟

استقصينا في دراسة شملت أكثر من ١٣٠ متعلم من كلا الجنسين حول دوافعهم وقلقهم نحو تعلم اللغة الإنجليزية. أفاد فيها المشاركين بآراء مفتوحة حول قلقهم اللغوي وما إن كان هناك أي تحديات يواجهونها أثناء التعلم، و وجدنا أثناء التحليل أن هناك حوالي ٥ أنواع من القلق عبر عنها المشاركين يمكن تصنيفها على النحو التالي: (١) قلق من استخدام اللغة في سياق اجتماعي (٢) قلق نفسي من التعلم (٣) قلق من عدم اتقان اللغة (٤) قلق من كمية الجهد المطلوب للتعلم (٥) قلق عام حول اللغة. وبعد أن تحصلنا على هذه الأنواع من المتعلمين طلبنا من المشاركين إبداء رأيهم حول أنواع الدوافع التي لديهم من أجل تعلم اللغة. وهنا استخدمنا نظرية الدافعية الذاتية Self-determination Theory لتحديد أنواع الدوافع تضمنت التالي:(١) الشعور بحرية في التعلم (٢) الكفاءة (٣) العلاقة الطيبة بالمتعلمين (٤) الاستمتاع بالتعلم (٥) التعلم من أجل أسباب خارجية. حاولنا بعد ذلك تجربة ما إذا كان لهذا الأنواع الخمسة أن تتنبأ بالأنواع الخمسة للقلق. فخرجنا ببعض المفاجئة والمتوقعة كذلك!

صورة من الصفحة الأولى لبحثنا في المجلة المصنفة Frontiers in Education

الدافعية لا تتنبأ دائماً بمستويات القلق

لاحظنا في الدراسة أن العلاقة الطيبة بالمتعلمين تتنبأ بنقص في القلق اللغوي، ولاحظنا أن الشعور بالكفاءة يتنبأ بنقص في القلق النفسي من التعلم وكذلك القلق من عدم اتقان اللغة وكذلك القلق العام من اللغة. وفي المقابل وجدنا أمرين مدهشين، فقد لاحظنا أن العلاقة الطيبة بالمتعلمين تتنبأ بزيادة في القلق النفسي من التعلم! كما لاحظنا أن التعلم أجل أسباب خارجية تنبأت بزيادة القلق العام من اللغة. ولهذا يمكن لهذه النتائج أن تعطينا بعض الإشارات المهمة لمتعلم اللغة الإنجليزية كالتالي:

١. شعورك بالكفاءة نحو تعلم اللغة الإنجليزية مهم لإنقاص أنواع عديدة من القلق اللغوي. ويمكن لأي متعلم أن يستشعر هذه القيمة الرائعة أثناء رحلة التعلم، فالشعور بالكفاءة قناعة ذاتية قبل كل شيء وعندما تقنع نفسك أن تسير وتنموا في التعلم فأنت تخدم نفسك بشكل رائع نحو إنقاص أي مشاعر سلبية قد تعترض طريقك في التعلم. ووفقاً لأبحاث عديدة فإن الشعور بالكفاءة يعتبر من أقوى المؤشرات للنجاح اللغوي. ولتحقيق هذه المشاعر بشكل إيجابي أدعوك لقراءة هذا المقال و هذا المقال

٢. يمكن أن تكون متحفز بأحد عناصر الدافعية الذاتية و تشعر بالقلق النفسي من التعلم أو حتى التعلم بشكل عام. وهذا يعني أن الشعور من القلق أمر وارد يمكن السماح والقبول به، لكن يجب أن لاتسمح له كمتعلم أن يأخذ أكثر من حجمه الطبيعي فيتحكم في تعلمك ويمنعك من المشاركة اللغوية أو يؤدي بك للتفكير السلبي حول مستقبل تعلمك. أن تتنبأ العلاقة الطيبة بالمتعلمين بزيادة في القلق النفسي أمر محير فعلاً، ولكن يمكن أن نفسر ذلك بأن العلاقة التي يبنيها المتعلم يجب أن يكون مضمونها إيجابياً، فهناك علاقات بين المتعلمين تمتاز بالسلبية والسخرية أحياناً، فوجود علاقة مع الآخرين (وإن كانت جيدة) لا تمنع بالضرورة من القلق، ولهذا يجب أن تفصل بين جودة العلاقة مع المتعلمين الآخرين وبين فرصة شعورك بالقلق النفسي من التعلم.

٣. هذه النقطة وإن لم تكن مدهشةً بالنسبة لي ولكنها قد تكون جديدةً على البعض، وهي التأثير السلبي للدوافع الخارجية على مشاعر المتعلمين. وقد تحدثنا في أكثر من مناسبة وعن كتابي تحديداً (من هنا) حول أثر الدوافع الخارجية السلبي على التعلم، إلا أن بحثنا الجديد هنا أضاف معلومة مهمة لنا وهي أن الدوافع الخارجية في التعلم (كأن يكون سبب التعلم الحصول على وظيفة فقط أو من أجل عدم الرسوب أو الحصول على الدرجة وفقط) تؤدي إلى زيادة في القلق اللغوي. وهذا أمر مفهوم، حيث أن المتحفزين خارجياً يتعلمون لنيل أشياء خارجية فهم قلقون حولها وحول الحصول عليها. أما المتحفزين داخلياً فهم المستمتعون بالتعلم وتحدياته التي يأتي معها، و ويتعلمون لتحقيق أهدافهم الذاتية.

٤. ماذا عن بقية الدوافع التي لم تتنبأ بأنواع القلق؟ نعم، تظهر نتائجنا أن هناك أنواع كثيرة من الدوافع (مثل حرية التعلم، والاستمتاع) لم تتنبأ إيجاباً ولا سلباً بأي نوع من أنواع القلق. وفي مثل هذا يمكن أن نقول أنه ربما يكون المتعلم مستمتع ولديه حرية في التعلم وقد يشعر أو لا يشعر بالقلق، فالدراسة تظهر لنا نتائج غير واضحة في هذا السياق. لذا يمكن أن نتوقع كلا الحالتين وعلى المتعلم المتحفز أن يتوقع كلتا الحالتين: وجود القلق أو عدمه. ولكن كما ذكرنا في النقطة الأولى فإن القلق يجب أن لايتعدى حدوده الطبيعية، فالذهاب إلى الاختبار اللغوي يأتي معه القلق وهذا طبيعي، ولكن يجب أن لايتجاوز مساحة القاعة وأن لايؤثر على العملية التعلمية على النطاق الأوسع.

إذا كنت تحب قراءة البحث كاملاً فهو متاح مجاناً من هنا

لا توجد أفكار عن “دراسة: أن تكون متحفزاً لايعني أن لاتشعر بالقلق!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *