دراسة: المثابرة والشغف بتعلم الإنجليزية مفيد لكن ليس دائماً! إليك الحل + مقياس لعزيمتك

ليس من الغريب أن نقول بأن المتعلم الناجح للغة الإنجليزية مهتم بتعلم اللغة ويستخدمها من خلال الممارسة الحثيثة. وهناك فيض من الدراسات العلمية التي تشير إلى أهمية هذا و يمكن الوصول لها من هنا مثلاً. وقد أشرتُ في كتابي (حفز نفسك بفاعلية نحو تعلم الإنجليزية) إلى أهمية الدافعية وكيفية التحفيز السليم والوسائل الموصلة لذلك. ولكن حسب دراسة حديثة لي كشفت أمراً مخالفاً للتوقعات مفادها أن المثابرة والشغف نحو تعلم اللغة الإنجليزية ليس أمراً مفيداً دائماً! فلماذا خرجت النتائج بهذه الطريقة ياترى؟

قصة كتاب “العزيمة”: قوة الشغف والمثابرة

قامت البروفيسورة داكوورث بدراسة ممتدة لسنوات لمعرفة أهم ما يميّز الأفراد الناجحين في مجالاتهم حياتهم العملية. فقد كانت على سبيل المثال تلاحظ أن طلابها الأذكياء ليسوا دائماً ناجحين بل يبدو أن هناك أموراً أخرى تحدد النجاح، فتركت بذلك مهنتها كمعلمة للمرحلة المتوسطة لمادة الرياضيات لتنخرط بحماس في سلك البحث العلمي والدراسات في سعي حثيث لفهم سمات النجاحين والمتميزين. وكان ذلك صلب رسالتها للدكتوراه التي نالتها من جامعة بنسلفانيا. وبعد حصولها على الدكتوراه وإنجازها للمزيد من الدراسات قامت داكوورث لاحقاً بنشر كتابها المشهور Grit: The Power of Passion and Perseverance لتلخص فيه ماتوصلت إليه في عقد من الزمان بما في ذلك التقصي والبحث. وياله من كتاب مميز، حيث امتزج البحث العلمي بالقصة الخاصة بالمؤلفة ومواقفها المختلفة حول الموضوع ومشاهداتها المتنوعة.

وجدت الباحثة بعد التأمل المضني أن المتميزين في مجالاتهم ليس بالضرورة أن يكونوا أشخاص موهوبين، بل أن الموهبة قد تكون أحياناً نقمة في سلم النجاح إذا اغتر بها الفرد واعتمد عليها دون العمل الدؤوب (نعم، إنها ضربة مباشرة اتجاه من يعشقون تقييم الناس بناءً على اختبارات الذكاء IQ). ولكن مالاحظته داكوورث أن الناجحين يمتلكون سمتين اثنتين في غالبا الأحيان وهما: الشغف و المثابرة. ففي مجال الرياضة يمكنك أن تجد أن اللاعب الناجح شخص شغوف ومهتم بتلك الرياضة، وأكثر من ذلك، فهو يمارسها ويبذل جهداً واسعاً لتحقيق التميز. ولأنه شخص شغوف بتلك الرياضة فربما نجده يتعثر لكنه في النهاية ينهض ويكمل، ربما ينتكس لفترة لكنه يقوم من جديد. وتأمل في المعلم المتألق في تدريسه فستجده شخصاً شغوفاً بمهنة التعليم، ويحب أن ينقل معلومات المادة العلمية إلى طلابه باهتمام وإدارة نابعة من ذاته. وهذا الشعور ينعكس على جهد المعلم في الإعداد وتطوير المهارات التدريسية. وهكذا يمكن أن نقيس النجاحات في المجالات المختلفة بناءً على مستوى الشغف والمثابرة بحسب معطيات الكتاب. وتؤكد المؤلفة مرة تلو المرة على عدم التعويل على الموهبة والانبهار بها أكثر من اللازم فيمن هم حولنا، وأننا يجب أن لا نصف نجاح الأخرين بسبب موهبتهم فقط. بل ينبغي أن نلتفت إلى مثابرتهم وشغفهم نحو المهام التي يقومون بها.

 

لكن، هل ينطبق مفهوم العزيمة Grit على متعلمي اللغة الإنجليزية؟

أثناء قراءتي للكتاب قفز إلى ذهني سؤال مباشر: هل يمكن أن يكون متعلم اللغة الإنجليزية الناجح شغوف ومثابر؟ وفي حين أن الإجابة البديهية قد تكون: نعم بالطبع، إلا أن البحث العلمي والتأمل الواسع قد يجلب ثماراً أفضل وإجابات أوضح لشكل العلاقة ونمطها. ولهذا أخذت على عاتقي أن أقوم بإجراء دراسة ممتدة زمنياً (وتسمى كذلك طولية) بدأت بها في عام ٢٠١٨ تابعتُ فيها مجموعة كبيرة من متعلمي اللغة الإنجليزية واستقصيتُ عزيمتهم أثناء رحلتهم في التعلم، وبعد أن جمعت البيانات وحللتها وكتبتها، انتهى المطاف بالدراسة منشورة في واحدة من أرقى المجلات العلمية وهي مجلة: علم النفس التربوي أو Educational Psychology وذلك في عام ٢٠٢١ والحمد لله. وقد كشفت لنا الدراسة عن نوع علاقة فريد بين العزيمة واكتساب المفردات اللغوية. (يمكنك الوصول إلى الصفحة الرسمية للدراسة من هنا) ولقراءة كامل البحث مجاناً من هنا


صورة من الصفحة الأولى للبحث منشوراً في مجلة علم النفس التربوي المشهورة

العزيمة في البدايات لا تتنبأ بالنجاح اللغوي في النهايات! لكن لماذا؟

في حين أن هناك دراسات تم نشرها قبل بحثي هذا بأشهر قليلة قامت بالتعرف على العلاقة بين العزيمة Grit وعوامل تعلم أخرى (مثل القلق والانخراط في الممارسة)، إلا أن أياً منها بحث العلاقة الزمنية بين العزيمة والنجاح اللغوي لاحقاً (وهنا نقصد بالنجاح اكتساب المفردات اللغوية)، وهذا أمر يستحق الدراسة. ولهذا ظهرت نتائج بحثي مفاجئة بعض الشيء وعكس التوقعات. حيث أظهرت النتائج أن العزيمة (الشغف والمثابرة) في البدايات لم تتنبأ بنجاح الطلبة في اكتسابهم للمفردات اللغوية! يبدوا هذا غريباً، ولكن النتائج الطولية (الممتدة زمنياً) أظهرت أن من استمروا بالعزيمة (أي: واصلوا الاهتمام بالتعلم والمثابرة) لوقت أطول هم من استفادوا وحققوا النجاح اللغوي فقط. وبمعنى آخر، إنهم أولئك الذين لم يستسلموا للصعوبات أو مغريات الحياة ومشاريعها المختلفة. الدرس الرئيسي هنا هو أن الناجحين في اكتساب المفردات اللغوية واصلوا مسيرة التعلم ولم يتوقفوا عن التعلم ( لعدم ملاحظة التقدم اللغوي على سبيل المثال أو لأي سبب آخر كما أشرت إلى هذه المشكلة في هذه المقالة).

مقياس العزيمة Grit الشغف والمثابرة

وكأحد الإسهامات العملية للهذا البحث، فقد قدمتُ للقراء مقياساً للعزيمة يناسب متعلمي اللغة الإنجليزية، وقد تم اختبار صدق وثبات المقياس بطرق متقدمة عبر اختبار العامل الاستكشافي EFA و التوكيدي CFA والتوكيدي الثنائي Bi-factor-CFA ولهذا يمكنكم استخدام المقياس بثقة علمية وذلك لمعرفة مستوى العزيمة لديكم (الشغف + المثابرة).
✅أرجو منك أخي القارئ في حال استخدمت المقياس خارج هذا الموقع أن تشير إليه (رابط هذه المقالة مثلاُ) (أو في أبحاثك إن كنت ستكتب بحثاً علمياً وذلك بالإشارة إلى الدراسة بصيغة APA):

Alamer, A. (2021). Grit and language learning: Construct validation of grit and its relation to later vocabulary knowledge. Educational Psychology.(41). 544-562 https://doi.org/10.1080/01443410.2020.1867076

وبين أيديكم المقياس مترجماً إلى العربية. أقترح استخدامه لمعرفة عزيمتك أو ترسله إلى صديق ليتعرف على مستوى عزيمته. وتذكر أن حصولك على درجات عالية فيه لايعني بالضرورة أن تنجح في تعلم اللغة مستقبلاً ولكن فقط إذا واصلت على عزيمتك عبر الوقت.

مقياس العزيمة نحو تعلم الإنجليزية

(أولاً: المثابرة. أمامك ٦ عبارات حدد موقفك من كل عبارة وأعط نفسك درجة عليها حيث ٥ تعني موافق بشدة و ١ تعني غير موافق بشدة)

١. أعمل بجد نحو أهداف تعلمي للإنجليزية بغض النظر عن الوقت الذي يتطلبه ذلك

٢. حتى لو وجدت أشياء ممتعة لأنفذها فإنني أعطي مهام اللغة الإنجليزية أفضل ماعندي

٣. أقوم بإنجاز ما بدأتُ به بغض النظر عن صعوبته

٤. أنا ملتزم ببذل كل ما أستطيع من أجل تعلم الإنجليزية

٥. حتى لو واجهتني تحديات أمام تعلم اللغة فسأظل أحاول بكل ما أستطيع

٦. بمجرد أن أضع هدف تعلم أحاول أن أتغلب على أي صعوبات تواجهني في طريقي

(ثانياً: الشغف. أمامك ٦ عبارات حدد موقفك من كل عبارة وأعط نفسك درجة عليها حيث ٥ تعني موافق بشدة و ١ تعني غير موافق بشدة)

١. غالباً ما أضع أهداف للغة الإنجليزية ولكنني لاحقاً أسعى إلى تحقيق غيرها

٢. الأفكار الجديدة والمشاريع تلهيني أحياناً عن تعلم الإنجليزية

٣. أصبحتُ مهتماً بملاحقة هدف غير تعلم الإنجليزية منذ بضعة أشهر

٤. اهتمامي بتعلم اللغة الإنجليزية يتغير من شهر إلى شهر

٥. كنت شغوفاً بفكرة تعلم الإنجليزية لفترة من الزمن ولكن لم أعد كذلك الآن

٦. أجد صعوبات في المحافظة على التركيز اللغوي إذا تطلب ذلك وقتاً طويلاً

◀️والآن، قيّم نفسك من ٦٠ نقطة، وهذه ستكون درجتك على مقياس العزيمة. فهل عزيمتك عالية ياترى؟😊

أتمنى لكم الفائدة دائماً وإلى رحلة تعلم لغة إنجليزية ممزوجة بالعزيمة الكبيرة إن شاء لله

رابط الدراسة https://bit.ly/2Lm7Bed

4 أفكار عن “دراسة: المثابرة والشغف بتعلم الإنجليزية مفيد لكن ليس دائماً! إليك الحل + مقياس لعزيمتك”

  1. جميل ان تكون المثابره والاهتمام من استاذ او دكتور معروف وهذا جدآ راقي ان نتعلم منك وما زلنا نتعلم الناقص من محيط القراءه وحفظ وفهم ماتبقى من الكتب النادره جدآ ممتع ان نسهل الصعوبه التي كانت في البدايه .. شكرآ لك يا دكتور بما خطت يداك … رائع ومبدع 👍🏼🌺

    1. د. عبدالله العامر

      الشكر لكم بالمرور والإضافة الجميلة للموضوع.
      أتمنى لك ولجميع القراء رحلة ناجحة في التعلم ⭐

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *