مشاعرك و دافعيتك أصدقاء نجاحك نحو تعلم الإنجليزية

حدثتكم في أكثر من مناسبة بأن الدافعية ركيزة أساسية للنجاح في تعلم اللغة الثانية. دافعيتك هي الطاقة والإلهام الذي يقودك للتعلم والتواصل مع الآخرين وممارسة اللغة الإنجليزية بحيوية وحماس. وقد خصصت كتابي الأول كاملاً عن الدافعية (عبر هذا الرابط). لكن اليوم بحث علمي جديد يضع فوق الطاولة قضية لاتقل أهمية عن الدافعية لتقرير مستوى نجاحك.. إنها مشاعرك أثناء تعلم الإنجليزية. فماهي مشاعر التعلم وكيف ترتبط بالدافعية؟

هل صادفت يوماً من الأيام أخي متعلم الإنجليزية بمشاعر سلبية مثل: القلق أثناء التوجه لقاعة تعلم الإنجليزية؟ أو الشعور بالإحراج عند محاولة التحدث والمشاركة بالإنجليزية؟

وعلى العكس.. هل شعرت بمشاعر إيجابية مثل: الحماس من أجل حضور قاعة تعلم الإنجليزية. الأمل بإتقان الإنجليزية، الفخر بما حققته وتحققه في تعلمك؟

هذه العبارات تنتمي إلى عامل (متغير كامن latent variable) يسميه الباحثون في تعلم اللغة الثانية بـ “المشاعر“. فهل لهذه المشاعر أي دور في التعلم ياترى؟ وماهو شكلها؟

كيف ترتبط مشاعرك بدافعيتك؟

المشاعر والدافعية يد بيد يأخذان بك نحو النجاح في تعلم الإنجليزية. لكن هذا الإدعاء لم يتم إثباته بشكل كامل حتى وقت قريب. فعندما يتحدث خبراء اللغويات التطبيقية عن المشاعر فهم يتحدثون غالباً عن “القلق” فقط وتأثيره السلبي على الدافعية ولاحقاً على اكتسابك للغة الثانية. ولكن ماذا عن بقية المشاعر الأخرى؟ ماذا عن الأمل، الحماس، السعادة أو ربما الإحراج و الخوف؟ الإجابة: لا نعلم بعد! الباحثون يعلمون أن هناك ملامح لاكتشاف المزيد عن المشاعر ودورها في اكتساب وتعلم اللغة الثانية. لكن أحداً لم يقم بهذا بطريقة علمية بحثية منضبطة بمراعاة أفضل معايير الصدق والثبات الإحصائي، لاسيما في سياق تعلم الإنجليزية في المملكة العربية السعودية.

ولسد هذه الثغرة المهمة في علم اكتساب اللغة الثانية فقد قدمتُ شخصياً بتوفيق الله ورقة علمية في مؤتمر اللغويات التطبيقية 2017 (The Applied Linguistics Conference 2017) والذي أقيم في نيوزيلاندا (لمعرفة المزيد عنه أضغط هنا). المؤتمر عال المستوى وهو يعتبر من أجود مؤتمرات اللغويات التطبيقية. وكان عنوان ورقتي “علاقة المشاعر والدافعية بتعلم اللغة الثانية”. وقد اختبرت فيها ثلاث نقاط رئيسية:

الأولى: حول اختبار بناء ونمط العوامل في كل من الدافعية والمشاعر.

وأما الثانية: فكانت عن علاقة المشاعر بالدافعية.

وأما الثالثة: فكانت عن قدرة المشاعر والدافعية بالتنبؤ بقيم نجاح متعلم اللغة الإنجليزية.

ماذا وجدنا من خلال البحث (مختصر)

  • الدافعية الإيجابية والمشاعر الإيجابية مرتبطون بشكل واضح. وعلى العكس، المشاعر السلبية ارتبطت عكسياً بالدافعية الإيجابية. فالمتعلم يجب أن يراعي مشاعره كما يراعي دافعيته. مثال: من يريد أن يستمتع بتعلم الإنجليزية ينبغي عليه أن يتحلى بالسعادة والأمل داخل القاعة الدراسية وخارجها.
  • الاستمتاع بتعلم الإنجليزية من عدمها (وفق نظرية التحديد الذاتي) فسرت حوالي 26% من سبب نجاح التعلم بين الطلبة السعوديين للإنجليزية. وبذات الأهمية المشاعر الإيجابية والسلبية فسرت حوالي 20% من أسباب نجاح التعلم بين الطلبة السعوديين للإنجليزية.

ماذا وجدنا من خلال هذا البحث؟ (مفصل)

لقد تم تطبيق تحاليل إحصائية متقدمة واتخاذ إجراءات منهجية صارمة للتأكد من صحة وسلامة النتائج المستخرجة. وذلك يشمل تحليل Conformatory Factor Analysis أو CFA للعوامل التم تم اختبارها، وكذلك تحليل Structrual Equation Modeling أو SEM المتخصص ببناء واختبار النماذج المعقدة بما فيها التحليل الخطي Path Analysis، لعرض أفضل نتائج و قيم التنبؤ، وبالتأكيد تم تطبيق اختبارات الارتباط Correlations. وكانت النتائج كالتالي:

فيما يخص بناء ونمط المشاعر:

  • تم اكتشاف أن مشاعر المتعلم الإيجابية (مثل: الحماس، السعادة، الفخر، الأمل نحو تعلم اللغة الإنجليزية..) هي في الواقع “مشاعر موحدة” وليست متفرقة. بمعنى آخر، من يمتلك أحد هذه المشاعر الإيجابية من أجل التعلم فهو في الواقع يمتلك بقية المشاعر الإيجابية بشكل متزامن. وهذا ماتم إثباته من خلال اختبارات CFA و Second-order Factors CFA

    نموذح لأحد نتائج التحليل العاملي التوكيدي (CFA) لعوامل المشاعر مع قيم ملائمة البناء في الجدول مع قيم ثبات ألفا والثبات العاملي composite reliability
  • تم اكتشاف أن مشاعر المتعلم الإيجابية داخل قاعة الدراسة وخارج قاعة الدراسة مرتبطة بشكل كبير جداً (r = .62, p < .001). وهذا يعطي إشارة واضحة بأن من يحمل مشاعر إيجابية داخل القاعة نحو الإنجليزية فهو يحمل قدر كبير من المشاعر الإيجابية خارج القاعة (في الحياة اليومية). على سبيل المثال: من يشعر بالأمل بتعلم اللغة الإنجليزية في حياته اليومية فهو لديه فرصة كبيرة لأن يكون سعيداً أثناء قاعة الدراسة والمشاركة.

أما فيما يخص علاقة المشاعر ببعضها البعض ومع الدافعية:

  • المشاعر السلبية (مثل الخوف، الخجل و القلق) لم ترتبط بشكل معتبر إحصائياً مع المشاعر الإيجابية ( r = -.07, p > .05) وهذا مثير للدهشة فعلاً! وأقرب تفسير لعدم الارتباط هذا يمكن أن يدور حول أن المتعلمين قد يكون لديهم مشاعر مزدوجة (إيجابية وسلبية) بشكل متزامن، مما يعني أن المتعلم الناجح قد تنتابه مشاعر سلبية أحياناً أثناء التعلم لكنها لا تؤثر سلباً على تعلمه.
  • المشاعر السلبية للمتعلم داخل قاعة اللغة الإنجليزية ارتبطت بمشاعر المتعلم خارج القاعة الدراسية (في الحياة اليومية) بشكل إحصائي وكبير ( r = -.75, p < .001) وهذه إشارة إلى خطورة المشاعر السلبية نحو التعلم داخل القاعة الدراسية فهي تنعكس سلباً على الحياة اليومية للمتعلم وتجعله سلبياً اتجاه أي فرصة للتعلم. والعكس كذلك، مشاعرك السلبية خارج القاعة تؤثر سلباً على مشاعرك داخل القاعة الدراسية.
  • ارتبطت المشاعر الإيجابية داخل و خارج قاعة الدراسة بشكل معتبر إحصائياً مع جميع أشكل الدافعية، ولكن بشكل أكبر وأوضح مع دافع الاستمتاع (r = .59 to .60, p < .001) ، ودافع الاهتمام (r = .47 to .57, p < .001)، ودافع اتقان اللغة (r = .56, p < .001).

أما فيما يخص علاقة المشاعر والدافعية بنجاح تعلم اللغة الإنجليزية فقد كانت النتائج مثيرة كذلك:

  • تمت ملاحظة أن جميع العوامل المتعلقة بالدافعية والمشاعر قد تنبأت بشكل معتبر إحصائياً بنجاح المتعلم في اكتساب اللغة الإنجليزية.
  • العوامل المتعلقة بنظرية التحديد الذاتي هي (الاستمتاع، التعرف على الغرض، الإجبار، الوسيلي، و اللادافعية) استطاعت التنبؤ بنحو 26% من عوامل النجاح في تعلم الإنجليزية.
  • العوامل المتعلقة بالمشاعر مجتمعة (الإيجابية و السلبية) حققت ثان أعلى عوامل قوة تنبؤ من بين النظريات الأخرى، وقد تنبأت بحوالي 20% من عوامل النجاح في تعلم الإنجليزية.
  • الحاجات النفسية الأساسية للطلبة (حرية التعلم، الكفاءة و العلاقات) تنبأت بقدر إحصائي معتبر وشكلت حوالي 16% من عوامل النجاح في تعلم الإنجليزية.
  • أهداف التعلم الثلاثة (الإتقان، الإبهار و التفادي) تنبأت بقدر إحصائي معتبر وشكلت حوالي 15% من عوامل النجاح في تعلم الإنجليزية.

إذاً.. المشاعر والدافعية عاملان مهمان في تعلم الإنجليزية، إذا أهملت أحدهما سيؤثر على الآخر بشكل كبير!

والآن دعنا نسمع رأيك.. كيف تؤثر مشاعرك على تعلمك للغة الإنجليزية؟


من أراد الإشارة إلى هذا البحث لأي أغراض بحثية فيمكنه ذلك عبر نسخ المصدر التالي:

Alamer, A., Lee, J., & Vigentini, L. (2017). The relationship of motivation and emotion with second language learning. Presented at The Applied Linguistics Conference (ALANZ / ALAA / ALTAANZ), Auckland, New Zealand.

ألقاكم في موضوع شيق آخر🌷

لا توجد أفكار عن “مشاعرك و دافعيتك أصدقاء نجاحك نحو تعلم الإنجليزية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *