الخلطة التحفيزية لتعلم الإنجليزية

الجميع يبحث عن طرق ذكية وإبداعية للتحفيز الإيجابي نحو تعلم اللغة الإنجليزية. فكلنا نريد أن نتعلم الإنجليزية بنجاح وأن نستمر في ممارستها على المدى القصير والبعيد دون انقطاع. لكن ماهي الطريقة الصحيحة لفعل ذلك؟ دعونا نستكشف ذلك معاً

من دون شك هناك الكثير من الوسائل والطرق التحفيزية التي من شأنها أن تشحذ عزيمتك وأن ترفع مستوى دافعيتك لتعلم اللغة الإنجليزية. لكن التجارب العميقة والدراسات العلمية تخبرنا أن هناك ثمة محفزات غير سليمة قد تبدو للوهلة الأولى بأنها جيدة، لكن آثارها على المدى البعيد سلبية وغير مرغوبة. وتخبرنا الأبحاث التربوية والتجارب التعليمية أن هناك عوامل إيجابية ترفع مستوى التحفز الذاتي للتعلم، أستعرض معكم هنا ثلاثةً منها:

القصة التالية تأخذ بيدنا إلى أول مكونات الخلطة السحرية للتعلم المتحفّز: حرية الاختيار Autonomy

في أحد الأيام تواصل أحد المتعلمين مع متخصص يسأله فيها عن تخصص ما ليكمل فيه دراسته للماجستير. كان يسأل عن الجامعات التي تقدم له هذا البرنامج. أخبره المتخصص ببعض المقترحات والجامعات الجيدة، وبعد أن حصل على الإجابة رد السائل بطريقة غريبة فقال: لا تهمني الجامعات الجيدة ولامقترحاتك البراقة لكن ما يهمني هو أن يكون التخصص سهل “و يعجب الجماعة” قال له صاحبنا: عفواً.. يعجب من؟ فقال: يعجب الجماعة.. أصحاب العمل والمسؤولين الذين سيرسلوني للدراسة في الخارج، فهم يريدون مني دراسة هذا التخصص وفقط، ولهذا أنا أريد الحصول على الشهادة بالطريقة التي تعجبهم وبالطريقة الأسهل والأقصر. أما الفائدة البحثية والقيمة العلمية وفرصة تطوير الذات واكتساب المهارات ومقابلة الخبراء أثناء الدراسة، كل ذلك لا يهمني صراحةً! وبالمناسبة إذا علمت عن جامعة تقدم ضمان بالتخرج أو نسبة النجاح فيها ١٠٠٪ فأخبرني عنها!!

رغم أن القصة لم تنتهي هنا إلا أنني أتوقف هنا وأطرح سؤالاً بكل صدق: كيف يمكن أن تتخيل دافعية وحماس هذا الطالب لو كُتب له أن يبدأ في دراسته في هذا التخصص! في الغالب سيكون تعلم سلبي و بلا حماس ولا إبداع.. وإن لم يخب ظني فستكون رحلة دراسية مليئة بالمشاكل ومنعطفات الـ U-Turn !!

لأنه غير متحفز.. فتعلمه سيتجه نحو البرود وقلة الحماس والمثابرة

أن تكون متعلم ناجح للغة الإنجليزية يعني أن تختار تعلم اللغة بكامل إرادتك واختيارك. يعني أن يكون جهاز التحكم في يدك وليس في يد شخص آخر (أو ربما أشخاص آخرين!)، يعني أن تتحمل المسؤولية كاملةً عن تعلمك وتركب قارب الرحلة فتعيش جمالها لحظة بلحظة وتأخذ معك كامل المسلتزمات المطلوبة وأنت تدرك كل ذلك. حرية الاختيار هي العنصر الأول والمهم في الخلطة السحرية التحفيزية، لذلك اجعله رفيقك في تعلمك دائماً.

العنصر الثاني: القدرة Competence ، يتضح دورها بعد قراءة هذه القصة

في أحد الأيام وبينما أنا خارج من أداء الصلاة في جامعة UNSW بأستراليا ألتقى بي أحد الأفاضل، ويبدو أنه كان متعلم جديد للغة الإنجليزية في أستراليا. وبعد تعارف سريع، أخبرني صاحبنا بأنه يعاني من مشكلة في اختبار الآيلتس. يقدم مستوى مرضي في المحادثة لكنه لايقدم المستوى المطلوب في الكتابة. أخبرني بأنه يُفكر في الانتقال إلى جامعة لاتتطلب اجتياز IELTS بل مجرد اجتياز لاختبارات المعهد. سألته ماهي مشكلته مع الكتابة. حسبما أتذكر الآن فقد قال بأنه مهما حاول في تطوير مستواه في الكتابة فهو لا يستطيع اجتياز الدرجة المطلوبة! وينهي حواره بكلمة: “من الآخر..أنا لا أستطيع“. هذا الاعتقاد (عدم الاستطاعة) كان كفيل بأن يهدم دافعية صاحبنا ويثبطه عن المواصلة والمثابرة، التفكير بالطريقة الإنهزامية يجعلك تفكر بالهروب من اختبار اللغة، يضطرك إلى الهروب من الممارسة.. يحرمك من التواصل الفعال  مع الآخرين إلى شيء آخر.

أن تتصور القدرة على اجتياز مهارة لغوية ما، واكتسابها وإتقانها يعني أن تكون متحفز على طول الطريق، يحدوك الأمل إلى الوصول إلى هدفك من التعلم. نصيحتي: لاتفقد الأمل، فطبيعة تعلم اللغات (واللغة الإنجليزية ليست استثناءً) أن تتضمن الممارسة المستمرة.. تمارس وتخطئ، وتتعلم من الأخطاء وتستمر في الصعود.. وحينها ستلاحظ تطورك بشكل نسبي على فترات متباعدة (وربما بشكل لا واعي). هكذا تسير الأمور في تعلم اللغة با صديقي.

العنصر الثالث في الخلطة السحرية للتحفيز: الارتباط بالآخرين Relatedness

واحدة من أكثر المشاكل التي نجدها بين متعلمي اللغة الإنجليزية هي الانطواء وعدم التداخل والمشاركة مع الآخرين. وعلى العكس، فهذا العنصر من الخلطة السحرية ينص على أهمية الارتباط مع الآخرين والحصول على الدعم منهم. قد يكون ذلك على شكل تلقي تشجيعاً من الأقران، ربما يكون ذلك على شكل تحدي ومنافسة مع صديق، أو على شكل تلقي الدعم من المعلم أو مدرس اللغة الإنجليزية من خلال التشجيع وزرع الثقة فيك. ألا يبدو هذا منطقياً؟ المتحفز نحو تعلم اللغة هو الشخص الذي يتلقى الدعم ممن حوله دائماً.

ارتباطك بمن هم حولك.. يدعمونك ويشجعونك، وربما تبادلهم ذات المشاعر فتشجعهم وتدعمهم بدورك، هذا كله من شأنه أن يعطيك الوقود الكافي للدافعية لتستمر وتنطلق في التعلم. راقب نفسك وفتش عمن هم حولك حتى تتلقى الدعم منهم.

ماذا قالت الدراسات حول هذه العناصر السحرية (الحاجات الثلاثة)

تؤكد الأبحاث العلمية المقامة على متحدثي اللغة الثاتية عموماً وعلى متعلمي اللغة الإنجليزية خصوصاً.. والتي أقيمت شرقاً وغرباً أن لهذه الحاجات الثلاثة الأثر الكبير على دافعية المتعلم الداخلية والذاتية في التعلم الناجح. وفي بحث أجريناه على الطلبة السعوديين لمتعلمي اللغة الإنجليزية خرجت نتائجها في المجلة المرموقة: دراسات في اكتساب اللغة الثانية Studies in Second Language Acquisition” أظهرت الدراسة أن “القدرة Competence” و “الارتباط بالآخرين Relatedness ” كان لهما تأثير إيجابي وكبير على حب تعلم اللغة الإنجليزية والاهتمام بها. أليس هذا رائعاً؟! بل أكثر من ذلك، فقد أظهرت الدراسة أن حب تعلم اللغة الإنجليزية واستشعار أهمية تعلمها أدو بدورهما إلى بذل جهد مضاعف وممارسة إيجابية للإنجليزية. جميل جداً! و ماذا تتوقع أن يأتي بعد الجهد والممارسة؟ نعم.. اكتساب ناجح للغة الإنجليزية، وهذا ما كشفته الدراسة بالتحليل الإحصائي المتقدم. إذاً يمكن أن نصف علاقة هذه الحاجات الثلاثة بنجاحك في التعلم عبر السلسلة التالية: إشباع الحاجات الثلاثة –> حب واهتمام بتعلم الإنجليزية –> جهد وممارسة –> تحقيق تعلم ناجح *

الختام

لاتحرم نفسك (ولا غيرك) من استشعار وتجربة هذه الحاجات الثلاثة (حرية الاختيار، القدرة، الارتباط بالآخرين) فهذا من شانه أن يرفع دافعيتك ودافعية من حولك إيجابياً. أتمنى لكم رحلة ممتعة في التعلم وأترك لكم التعليق في الأسفل إذا كان هناك أي إضافة مفيدة.

*مصدر الدراسة:

Alamer, A. (2022). BASIC PSYCHOLOGICAL NEEDS, MOTIVATIONAL ORIENTATIONS, EFFORT, AND VOCABULARY KNOWLEDGE: A COMPREHENSIVE MODEL. Studies in Second Language Acquisition, 44(1), 164-184. doi:10.1017/S027226312100005X
ولقراءة الدراسة كما ظهرت في موقع جامعة كامبردج تفضل من هنا

فكرتين عن“الخلطة التحفيزية لتعلم الإنجليزية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *