هل نتائج البحث العلمي مفيدة لنا في تعلم اللغة الإنجليزية فعلاً؟

هل تساءلت يوماً لماذا يجري الباحثون في اللغويات التطبيقية دراساتهم حول تعلم اللغة الثانية هنا وهناك ؟ أليست بعض الظواهر الاجتماعية وبعض العمليات المتعلقة بتعلم اللغة الإنجليزية على سبيل المثال بسيطة الفهم وسهلة التفسير ولاتحتاج إلى الفلسفة؟ فلماذا يجري الباحثون دراساتهم إذاً؟ وهل يمكن أن تعطينا معلومات أكثر وأوضح في فهم كيفية تعلم اللغة أصلاً؟

في الحقيقة قد نظن أن بعض الظواهر الاجتماعية عموماً و عمليات تعلم اللغة الإنجليزية بشكل خاص سهل التفسير والتحليل بما لا يحتاج معه إلى إجراء Hfphe ميدانية أو ملاحظات أو دراسات طولية لتغيّر عوامل معينة عبر فترات زمنية او أعمار مختلفة. لكن عندما نستعرض أفكارنا مع الآخرين ونناقشها سنتفاجأ بأن فكرتنا حول هذا الأمر لم تعد سوى فكرة قابلة للنقد والأخذ والجذب، بل ربما تفكر لاحقاً في التراجع عن فكرتك حول طريقة تعلم اللغة الإنجليزية وأسباب النجاح فيها مثلاً. جرب أن تسأل من حولك هذا السؤال البسيط: كيف أبدأ في تعلم اللغة الإنجليزية؟ لتأتيك الأفكار والرؤى المتنوعة يميناً وشمالاً لتدرك حينها أن الأمر أبعد من أن يختزل في إجابة واحدة يتفق عليها الجميع. ولهذا فإن أحد وظائف البحث العلمي هو دراسة كيفية حدوث بعض الظواهر واختبار بعض الأفكار من خلال حشد الأدلة وتحديد علاقتها بالنتائج المرغوبة.

تجربة عملية

ولنعرف كيف للبحث العلمي أن يكشف لنا إجابة أكثر دقة مدعمة بالأدلة لبعض الظواهر الاجتماعية و التي قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة الفهم و واضحة النتائج، فقد قررت أن أضع استبياناً في تويتر حول قضية ممتعة للكثيرين ومحبوبة لدى فئة الشباب والجيل الصاعد، ألا وهي كرة القدم. فالكثير يحب متابعة ومشاهدة المباريات ويحب أكثر أن يشاهد فريقه يربح المباراة ويكره أن يرى فريقه ينهزم بالتأكيد. وبعد كل مباراة ساخنة يأتي التحليل الرياضي ليقوم بتحليل ما حدث وكيف حدث. ولكن يبقى السؤال المهم للمشجعين وأصحاب الشأن الرياضي على حد سواء: ماهو الأكثر أهمية لنجاح اللاعب على أرض الملعب؟ هل هي المهارة أم القدرات البدنية؟ ماهو العامل الذي قد يغيّر قواعد اللعبة ويقلب الهزيمة إلى فوز؟ اسأل نفسك الآن، قد تقول: “هذه قضية واضحة ومفروغ منها.. كرة القدم ليست شيئاً جديداً و يجب أن تكون الإجابة واضحة للجميع. كيف يفوت مثل هذا على الناس وهم يتابعون الكثير المباريات؟ حتى المتابع البسيط ينبغي أن تكون لديه الإجابة واضحة ومباشرة من دون تردد”. لكن الواقع يا صديقي يقول شيئاً آخر، فهناك تباين في وجهات النظر ورأي مختلف. فمن بين أكثر من ٤٠٠ مشارك لهذا السؤال وجدنا أن ٣٧٪ يعتقدون أن القدرات البدنية هي الأهم، بينما ٦٣٪ يعتقدون أن المهاراة هي الأهم. فمن هو أقرب للصواب؟

مرة أخرى هذا السؤال يبحث عن العامل الأكثر أهمية، ولتتضح الصورة أكثر أريدك أن تتخيل أنك مدرب الفريق وأمامك لاعبان أحدهما أكثر مهارة والآخر أعلى قدرات بدنية وعليك أن تختار أحدهما ليلتحق بالفريق، أيهما ستختار؟ وبالتالي فإن امتلاك المهارة والقدرات البدنية معاً ليس خياراً مطروحاً و ليس محل النقاش هنا. وفي مثل هذه الحالات يأتي دور البحث العلمي ليكشف لنا العامل الأكثر أهمية من خلال الملاحظة والرصد والمراقبة أو أي وسيلة علمية تتوافق مع أخلاقيات ومنهج البحث العلمي. فماذا كانت تيجة البحث العلمي حول هذه القضية ياترى؟

المهارة أم القدرات البدنية؟

أظهرت دراسة أجراها قسم العلوم البيولوجية بجامعة كوينزلاند الأسترالية (ضمن أفضل ٥٠ جامعة عالمياً) أن العامل الأهم للاعب ليكون ناجحاً في أرض الملعب هو المهارة. ليست القدرات البدنية ولا السرعة ولا التوازن، ولكنها المهارة. تشير الدراسة أن المهارات العالية تسمح للاعب بأن يكون لديه تأثير و دور كبير على أرضية الملعب و سير المباراة، وذلك من خلال التمرير السليم والتحكم العالي بالكرة والتسديد الدقيق. نتوقف هنا ونعود إلى إحصائيات متابعينا الكرام. فعندما سألناهم وجدنا أن ٣٧٪ منهم لم يختاروا العامل الأهم كما أشارت إليه الدراسة.

ما أريد الإشارة إليه هنا هو أن مجرد التخمين و التوقع قد يأتي بنتائج جيدة، ولكن ليس دائماً كما رأينا. وفيما يتعلق بتعلم اللغة الإنجليزية عليك أن تتأكد بأنك تتعلم بطريقة سليمة تتماشى مع الحس الصحيح و المنطق السليم وما يدعمهما من دراسات علمية أمضى فيها الباحثون سنوات لتوضيحها و تدوين نتائجها على تحقيق التعلم الناجح. وعلى سبيل المثال، هناك الكثير من الكتب والدورات والمعاهد والطرق المنشرة لتعلم اللغة الإنجليزية. اسأل نفسك: هل هذه نصيحة أم تسويق؟ هل هكذا يتعلم البشر لغة جديدة أم لا؟ هل هناك دراسات أصيلة تؤيد هذا أم لا؟ استشر مختصاً في اللغويات التطبيقية إن لم تجد الإجابة على أياً من هذه الأسئلة واختصر على نفسك التجربة والخطأ.

هناك أيضاً بعض الإدعاءات التي يمكن تصديقها والتي ما إن يتم إخضاعها للبحث العلمي يثبت عدم دقتها ومصداقيتها. إن لم تسأل نفسك الأسئلة وتطلب الاستشارة فقد تكون من ضمن الـ ٣٧٪ الذين اختاروا الطريقة الأقل صواباً.

هل القلق عامل إيجابي نحو تعلم الإنجليزية؟ الدراسات تجيب

وهنا مثال آخر حول دور القلق نحو تعلم اللغة الإنجليزية. حيث أذكر أنني تحدثت في أحد المناسبات عن الأثر السلبي للقلق أثناء ممارسة الكتابة باللغة الإنجليزية وكيف أن له دور واضح في ضعف إتقان هذه المهارة. قفز أحدهم ليقول أن القلق إيجابي وأنه محرك ومحفز للنجاح. قلت له: حسناً لا بأس أن نختلف في وجهات النظر، ولكن هل لديك دليل علمي أو دراسات تثبت صحة هذا الإدعاء؟ رد صاحبنا بقوله: الباحث الفلاني قال هذا. ورغم أنني أعرف أبحاث ذاك العالم جيداً وقرأت كثيراً من كتبه وأبحاثه وأعرف رأيه في المسألة إلا أنني أخذت على نفسي أن أعود لأتفحص ذلك ولكن النتيجة (لا أثر!). وفي المقابل، فقد كانت معي  دراسة تثبت أن القلق أثناء الكتابة باللغة الإنجليزية عامل سلبي، وأتيت بما يدعم قولي واستشهدت به، -وأنا أرفقها هنا لكم للفائدة- لمن يحب الاطلاع عليها. لاحظ أن وجهة النظر حول هذا العامل “القلق” متباينة جداً، فلسنا نقول هل هو أمر سيء أو سيء جداً، بل كنا مختلفين فيما إذا كان القلق أمر سلبي أو إيجابي. فهنا لايمكن أن نترك الأمر لمجرد التخمين و التوقع بل ينبغي أن نبحث عن إجابة دقيقة لنرسم نتائج أدق يستفيد منها المتعلمين والمدرسين وأصحاب الشأن التعليمي عموماً.

أشير أخيراً إلى احتمالية وجود دراسات في اللغويات التطبيقية قد تختلف مع بعضها البعض ولكن هذا في نطاق محدود أو في جزئيات بحثية معينة، و بشكل لا يعطل معه الاستفادة من الدراسات العلمية. وبشكل عام فالدراسات الأحدث والأكثر بحثاً و تأييداً في المجتمع العلمي لديها قبول وتطبيقات أوسع وأكثر في واقع تدريس وتعلم اللغة الإنجليزية. وأمر أخير.. ليس كل من يقول (ذكرت دراسة أن..) هو صاحب معلومة صحيحة بالظرورة. بل عليك أن تكون واعياً وأن تبحث و تسأل عن مصدر المعلومة، وإن استطعت فاقرأها بنفسك حتى تكون على بيّنة أو على الأقل اسأل أهل التخصص و الشأن فهكذا أمرنا الدين الحنيف {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون}.

أتمنى لكم تعلماً ناجحاً للغة الثانية أياً كانت واللغة الإنجليزية تحديداً لتنهضوا بأنفسكم إلى معالي الأمور وتحققوا أهدافكم النبيلة🌷


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *