اللغة الإنجليزية ليست جدار بل لعبة ألغاز

سنتحدث اليوم عن نقطة غاية في الدقة وذلك أن الكثير ممن يرغب في تعلم اللغة الإنجليزية أو غيرها يقع في فخ كبير، وعندما يقع المتعلم الجديد في هذا الفخ فإنه قد لاينتبه إلا متأخراً، وقد لاينتبه فينتهي به الحال في دوامة لا تنتهي وفي معركة مع اللغة محتدمة وتنقلات من مكان إلى مكان ومن مصدر إلى مصدر، وهو مع ذلك في فخ لم يخرج منه.

ماهو الفخ الذي يقع فيه أكثر المتعلمين الجدد إذاً؟ هو ببساطة فخ بداية تعلم اللغة الإنجليزية. أين ابدأ تعلم اللغة الإنجليزية؟ ماهو كتاب القواعد المقترح؟ أي خطة أمشي عليها؟

عندما يفكر المتعلم الجديد بهذه الطريقة فهو يعتقد أن اللغة الإنجليزية عبارة عن جـدار يتم بناءه لبنة لبنة، يبدأ فيه المتعلم من الأرض ويصعد بطريقة عامودية، بحيث لايمكن أن يبني الدور الأعلى دون أن ينتهي من الدور الأدنى. هذا المفهوم ينبني عليه أن اللغة درجات سفلية وعلوية (مثال من صفر إلى ١٠) وأن من يريد أن يتعلم المستوى العاشر فعليه أن ينتهي من التاسع أولاً. وبعبارة أخرى: المستوى التاسع “شرط” للانتقال إلى المستوى العاشر.

هل هذا المنطق صحيح؟

في الواقع هذا المفهوم يتعارض تماماً مع طبيعة اللغات وتكوينها عموماً وتعلم اللغة الثانية أيضاً. فعندما يتم تطبيق هذا المفهوم على دراسة قواعد اللغة الإنجليزية فإنك تجد المتعلم يبدأ بدراسة الأزمنة البسيطة (السهلة) أولاً ثم ينتقل لما هو أكثر تعقيداً (أصعب). مثال: يدرس المتعلم الماضي البسيط Past simple قبل أن يتعلم زمن المضارع التام Present perfect ومن ثم المضارع التام المستمر Present perfect continuous. والسؤال ما المشكلة في هذا؟
نعم هناك مشكلة كبيرة ومعضلة واضحة (وأرجو أن يتسع لها صدرك و وتفكيرك أيضاً!)

طريقة الجدار تصلح بشكل مناسب مع المواد التي تتطلب المستويات للنمو فيها مثل الرياضيات. ولكن عندما يتم تقديم اللغة الإنجليزية بهذه الطريقة.. طريقة الجدار، الطوبة الأولى قبل الثانية، فإننا وللأسف نعزل اللغة تماماً عن سياقها الطبيعي! إن اللغة بشكلها الطبيعي لايتم فيها التفريق بين أزمنتها وقواعدها. فعلى سبيل المثال عندما يتعلم الطفل “الإنجليزي الأصل” لغته الأم “الإنجليزية” فإن والديه لا يتعاملون معه بطريقة البناء.. طوبة طوبة أو ١ ثم ٢ ثم ٣.. بل هو يسمع لجميع الحوارات في المنزل والمدرسة والشارع، يسمع ويركز ويحلل ثم يبدأ بشكل ضمني وطبيعي بفهم الفرق بين الأزمنة القواعد بالإدراك وتطبيق ذلك في حديثه. نعم قد تحصل أخطاء لدى الأطفال لكنها صغيرة لا تذكر ويتم تصحيحها سريعا. فلا يمكن أن نتصور الأب والأم يتكلمون مع ابنهم بزمن Past simple فترة من الوقت ويدربونه عليه ثم يتطورون معه فيستخدمون Present perfect وهكذا..لا لا أبداً، وهذا مثير للضحك لو حصل. أحم.. هل هذا ما يحصل معنا في المدارس العربية؟ إن كان نعم، فلك الحق أن تهز رأسك ضاحكاً وآسفاً على هذه الحال!

ماهو المنطق المناسب إذا؟

نظربة الجدار (لبنة لبنة) مطبق حرفياً في كثير من مناهج تعلم اللغة الإنجليزية مع كل أسف! اليوم لاتسمع إلا زمن كذا، وبعد أن تتقن هذا الزمن تدرس الزمن الذي يليه وهكذا. على هذا المنوال: تخيل حوار باللغة الإنجليزية في درس الزمن (الأول) وجاءت عبارة من زمن الدرس (الثاني) والذي لم تتم دراسته بعد، ماذا سيقول لهم المعلم؟ غالباً سيقول: تجاهلوا هذا الزمن الآن فنحن لم نأخذه بعد. عزل وتفكيك اللغة من سياقها على المكشوف!! هل أصبح تعلم اللغة عبارة عن جدول ضرب في الرياضيات؟ نأخذ العشري ثم المئوي ثم الألوف؟! هذا بحق أحد الأسباب التي أدت بمخرجات التعليم وعلى مدى سنوات إلى الضياع وقلة التحصيل!

في المقابل فأنا أنظر إلى عملية تعلم اللغة الثانية بطريقة شكل لوح الألغاز (jigsaw puzzle) والذي يمكن أن تبدأ فيه من أي جهة تحب، بشرط أن تضع القطعة الصحيحة في المكان الصحيح. إذا حصلت على قطعة ما أبحث عن مكانها المناسب وضعها. نعم.. قد تحتاج في حل اللوحة إلى أن تستعين بالكتيب المرفق (قد يكون هذا على شكل مراجعة القواعد والتأكد منها) ولكن لايجب أن يكون الكتيب مباشراً يعطيك الحل خطوة خطوة وإلا فلن يكون هناك تحدي ولا إنجاز حقيقي! وقد ترغب كذلك في البدايات بالبحث عن القطع الأسهل للوحة (مثال تبدأ بمعرفة الفرق بين الماضي والمضارع والمستقبل) لكن يجب الإنتباه إلى أن حل لوح الألغاز (jigsaw puzzle) لايكون دائماً بشكل تصاعدي، بل بالبحث عن المتشابهات ومعرفة مكان القطع المناسبة وبما يقودك إليه الحس اللغوي.

عندما تطبق هذا في تعلم اللغة الإنجليزية، فعليك مثلاً بالاستماع لحوار طبيعي بين اثنين من المتحدثين (كما يحدث دائماً) ومن خلال المحادثة أو الحوار تستخرج القواعد والأزمنة بشكل عفوي وضمني. فقد تلتقط زمن Present perfect continuous ومعه Future continuous tense فتعرف كيف يأتي هذا الزمن مع الآخر في الحوار وبصورة لغوية طبيعية. وحينها ستطبق هذا الاكتساب بشكل فعال في الحياة اليومية، ولن تحتاج إلى تذكّر (المعادلات اللغوية) التي يدرسونها لك في المدارس (كذا + كذا = كذا) والتي حرمتنا من الاستمتاع من ممارسة اللغة الإنجليزية بنجاح.

أفعل ولا تفعل:

❌ تعلم اللغة الثانية لا يكون بطريقة بناء الجدار (طوبة..طوبة)

❌ اللغة الثانية لايكون تعلمها بالطريقة التصاعدية في كل شاردة وواردة

❌ اللغة الثانية ليست جدول ضرب، تبدأ فيه بالأرقام الفردية ثم العشرية ثم المئوية

✅ تعلم اللغة الثانية ينبغي أن يكون بطريقة لوح الألغاز (مرونة الاختيار)

✅ تعلم اللغة الثانية ينبغي أن يكون من حيث أن تحب بشرط أن تعرف ماذا تتعلم والبداية بما تستطيع فهمه

✅ أبحث عمن يمارس اللغة معك ونوّع طرق تعلمك للغة (فيديو ، حوار ، قصة ..)

10 أفكار عن “اللغة الإنجليزية ليست جدار بل لعبة ألغاز”

  1. فخ وقعت ووقع فيه الكثييييير
    جزاك الله خير على هذا الطرح الرائع
    وأرجو منك التوسع ليصل لأكبر عدد لا سيما المهتمين

    1. نعم.. قد يحصل هذا والحل أن يكون تعلم اللغة بعيداً عن تعقيد دروس القواعد التصاعدية، بل بالانخراط في اللغة اليومية من المحادثات، الأخبار، القصص وغيرها

  2. سؤال :
    مناهج تعليم اللغة ك هيد وي او كامبريدج و غيرها لماذا يجعلون القواعد بهذه المراحل

    او تراجع كتب تعليم اللغة من الجامعات للعربية تحدها مبنية بطريقة جدار البناء ( طوبة فوق طوبة )

    اظن اننا نحتاج الممارسة مع التعليم بطريقة الطوب

  3. طرح رائع استاذ عبدالله
    بالفعل كلما اود تعلم اللغة اقف ولا استطيع اكمال المشوار ، من طرحك عرفت السبب في ذلك ، وبعد معرفة السبب نحتاج للمثابرة المثابرة المثابرة للوصول لنتيجة

  4. زياد علي الغامدي

    بارك الله فيكم وزادكم الله من فضله وعطاياه وأحسن الله عملكم وسدد الله خطاكم وأصلح الله بالكم وذرياتكم..،
    صدقتم أصبتم كبد الحقيقة..،
    هل من كتب ومناهج تتبنى هذا المفهم تدلنا عليه..؟

  5. لعل فيما طرحته شي من الصحة والدليل على ذلك الناس الأميين الذين عملوا في أرامكو سواقين وكانوا يحتكون بالأجانب بشكل مباشر وأصبحوا يتقنون اللغة وهم أصلاً لايقرؤن ولا يكتبون

  6. نظريتك صحيحة لاكتساب اللغة وليس تعلم اللغة.
    هناك فرق.
    الاكتساب يكون بالاستماع للغة دائما.
    المناهج العالمية كلها تعلم اللغة الأجنبية طوبة طوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *